تجديد الرؤيا، الدرس الأول: تعريف الحركة، وعوامل ظهورها، وروافدها، وخصائصها، وروادها
1ـ تعريف الحركة و نشأتها:
بعد ظهور حركة تكسير البنية حاول مجموعة من الشعراء و
النقاد إتمام مسوغات و خصائص هذه الحركة، و تحديد منطلقاتها
الإبداعية و النقدية؛ و في ظل هذه المحاولات ظهرت حركة شعرية جديدة من
باطن تلك الحركة على يد مجموعة من الشعراء.
و قد مثلت هذه الحركة
ثورة شعرية و معرفية جديدة أواخر الخمسينيات من القرن العشرين، أُطْلِق عليها مفهوم قصيدة الرؤيا، و قد تزعمها يوسف الخال بتأسيسه لمجلة "شعر" رفقة أدونيس، و شعراء آخرين، و التي شكلت منطلق تصورهما الجديد. و قد كان هدفها هو إعادة
بناء المظاهر التعبيرية للشعر الجديد، و الانتقال بالشعر من المضمون الواقعي إلى
مضمون يتسم بالغموض و المجهول و اللامنطق، و ذلك راجع
لاعتمادها على المنهج الأسطوري.
2ـ عوامل ظهور تجديد الرؤيا و روافدها الثقافية:
و قد ساهمت في ظهور هذه الحركة الشعرية مجموعة من العوامل السياسية و التاريخيــــــــة و الاجتماعية نذكر منها: ظهور حركات وطنية تحررية، و تأميم قناة السويس، و رد العدوان الثلاثي على مصر، و نتائج الحرب العالمية الثانية، و الوحدة بين مصر و سوريا، والنكسة...الخ.
أما الروافد الفكرية و الثقافية التي ساهمت في تشكيل قصيدة الرؤيا فهي: الاطلاع الكبير على الثقافات الكونية، و تأثر شعرائها بعدة تيارات فلسفية و أدبية، كالرمزيـة، والسوريالية، والظاهراتية، والدينية كالصوفية، و الاطلاع على الثقافة الغربية، و التراث العربي القديم، و تاريخ الحضارات الإنسانية، و الأساطير القديمة في مختلف الثقافــــــــــات...
3 ـ الرؤيا، والمستوى الفني للحركة:
يراد بمصطلح الرؤيا "البعد المتجاوز لكل ما هو مادي، و واقعي، و جزئي، فهي تتجاوز حدود العقل و المنطـــــق". أما في مجال الإبداع الشعري فهي "تشكل موقفا جديدا من العالم و الأشياء".
أما على المستوى الفني فمكونات الرؤيا هي : الرمز و الأسطورة و الإيحاء. في حين أن الصورة الشعرية فتجعلها مندمجة عن
طريق التكثيف، الذي يغنيه الإيحاء داخليا على مستوى الألفاظ و الإيقاع و طريقة بناء المعنى، و يغنيه خارجيا على مستوى الأسطورة و الرمز...
4 ـ علاقتها بتكسير البنية:
كما قلنا سابقا بأن هذه الحركة خرجت
من باطن حركة تكسير البنية، و اعتمدت
على شكلها وإيقاعها، رغم
أنها حاولت خلق نظام جديد خاص بها يحكمه اللامنطق و الكشف و التمرد على الأشكال، و التوليدية في المعنى من خلال اعتماد
وسائل تعبيرية جديدة كالرمز و الأسطورة...
فحركة تكسير البنية
مرتبطة بالواقع، أما حركة تجديد الرؤيا فمشدودة إلى
المستقبل، فهي رؤيا
للعالم و للشاعر، تتجاوز الواقع و العقل، و تعبر إلى الخيال و الميتافيزيقا و
الحلم...
لذلك فهي ترفض الشعر الواقعي السطحي، و هذا ما يفسر غموض شعرها، ويميزها عن تكسير البنية؛ فشعرها كشف و استشراف للمستقبل...؛ و هناك الكثير من النقاد من يدمجون الحركتين تحت مسمى واحد هو الشعر الحر أو شعر التفعيلة، كما نلاحظ ذلك عند أحمد المعداوي المجاطي في كتابه "ظاهرة الشعر الحديث".
5ـ أبرز رواد تجديد الرؤيا:
6ـ خصائصها:
ـ شكل القصيدة: اعتمدت حركة تجديد الرؤيا على نظام حركة تكسير البنية تقريبا، و المتمثل في شكل جديد، يقوم على نظام نطام الأسطر الشعرية المتفاوتة الطول مع التنويع في القافية والروي...