فن المسرح: تعريفه، وعوامل نشأته، وخصائصه، ومراحل تطوره، ورواده في العالمين العربي والغربي
1 ـ تعريف المسرح:
يعد المسرح من أعرق الفنون و أقدمها، و تعود الكلمة إلى أصل يوناني،حيث تطورت و أخذت دلالات مختلفة، فمثلًا المسرح عند الرومان هو نص مكتوب يقوم بتمثيله بعض الممثلين، أما عند اليونان فهو فنّ من فنون الشعر...
و المسرح بشكل عام فنّ إنساني، يجمع في طياته بين مجموعة من الفنون كالتمثيل و الغناء و الرقص و الموسيقى...، لذلك يلقب المسرح بأب الفنون. و المسـرح أيضا هو ذلك المكان الواسع والمعروف لعرض المسرحيات، فهو فن يُحوّل فيـــــه الممثلون النص المكتوب إلى عرض تمثيلي بمساعدة المخرج، و المؤلف، فيقدمه في مجموعة من المشاهد التي يؤديها الممثلون أمام الجمهـــور. و غالبًا ما يسعى فن المسرح إلى إيصال رسالة للمجتمع...
و في تعريفه البسيط فهو شكل من أشكال الفن التي يعبر
من خلالها الإنسان عن قضاياه اليومية و انشغالاته الفكرية بأسلوب جمالي...
2 ـ نشأته و تطوره في العالم الغربي:
ترجع نشأة المسرح حسب المؤرخين إلى تلك الاحتفالات و الطقوس الدينية المرتبطة بكـل الحضارات القديمة، على
الرغم من أن الباحثين يعزون البداية الحقيقية للمسرح في شكله المتقدم و في قوالبه المنظمة إلى الحضارة الإغريقية، و احتفالات الإله "ديونيزوس" إله الخمر والخصب. و قد
بلغ المسرح أوجه مع "سوفوكليس" و "يوربيديس" (أبرز شعراء التراجيديا).
ليظهر بعد ذلك "أرسطوفان" و
يبدع في كتابة الكوميديا...
و في عصر النهضة قام الأوروبيون ببعث المسرح الكلاسيكي فترجموا كتب النقد لأرسطو. وبلغت حركة التأليف أوجها في
"فرنسا"
في القرنين السابع عشر و الثامن عشر في مآسي "كورني" و "راسين" و "فولتير"، وفي ملاهي "موليير". أما المسرح الإنجليزي فقد نزع إلى الاستقلال عن المسرح الكلاسيكي، و مال إلى التعقيد، و ازدواج
الموضوعات، و الجمع بين شخصيات متنوعـــــــــــة، و الجمع بين الملهاة والمأساة، وتمثلت هذه
الاتجاهات في مسرحيات "وليام شكسبير". و بالتدريج بدأت كفة المسرح الرومانسي الجديد
تنتشر في "أوروبا" وتحل محل الأدب الكلاسيكي...
وفي العصر الحديث تطور فن المسرح
بشكل كبير جدا، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، فظهرت مجموعة من الاتجاهات و
التيارات و الأنواع المسرحية كالمسرح العمالي و مسـرح القسوة ومسرح العبث و المسرح التجريبي، و المسرح السريالي و المسرح الرمزي، و مسرح اللامعقول...
3 ـ نشأته في العالم العربي:
فن المسرح فن حديث العهد في الثقافة العربية، فقد كانت بداية فن التمثيل المسرحي العربي مع الأديب اللبناني "مارون النقاش" الرائد الأول لفن التمثيل. فهو أول من أدخله إلى العالم العربي. وكان ذلك في القرن التاسع عشر، حيث عاش مغتربا في إيطاليا، و اطلع على ثقافة ذلك البلد، وأحوال أبنائه، و أعجب بمسرحهم. و لما عاد إلى بلاده حاول أن يدخل إليها هذا الفن، فبدأ يكتب القطع المسرحية، ويشكل فرق التمثيل على طريقة "موليير" المسرحي الفرنسي. فقام بترجمة مسرحية " البخيل"، بعد أن أجرى عليها بعض التغييرات لتلائم الجمهور العربي، ثم كتب مسرحية "الحسود السليط"، و "أبو الحسن المغفل و هارون الرشيد". و هكذا كانت الخطوة الأولى لفن المسرحية في الأدب العربي...
كما لعب الكاتب السوري "أحمد أبو خليل القباني" دورا مهما في التعريف بهذا الفن خاصة في دمشق،
إضافة إلى الكاتب المصري الملقب بموليير مصر "يعقوب صنوع"، فضلا عن "أحمد شوقي"...، و غيرهم. .
4 ـ مراحل تطوره في العالم العربي:
أـ المرحلة التأسيسية:
هي مرحلة الاقتباس و النقل و الترجمة عن الثقافة الغربية، التي ساهم فيها مارون النقاش و أحمد أبو خليل القباني و يعقوب صنوع...
ب ـ مرحلة التأليف:
حيث عكف المسرحيون العرب في الربع الثاني من القرن العشرين على تطوير فن المسرح و إتقانه تأليفا و أداء، و كان الهدف من ذلك تأليف نصوص مسرحية ذات بناء درامي بالمعنى الغربي لتكون قابلة للقراءة و العرض، ثم المزاوجة بين التأليف الدرامي الغربي و التعبير عن الواقع العربي. و من رواد هذه الحقبة نذكر: ألفريد فرج، و جورج أبيض، و مراد السباعي، و نجيب حداد، و أمين الريحاني، و توفيق الحكيم...
ج ـ مرحلة التأصيل:
ففي النصف الثاني من القرن
العشرين قرر المسرحيون العرب أن تكون للمسرح العربي قواعده و أصوله، و طريقة عرض نابعة
من التراث العربي، أي ما يعرف بالتأصيل، و خلق دراما عربية، و هوية مسرحية عربية، و بالتالي التمرد
على الشكل الأرسطي أو التقليدي لكتابة و بناء عرض مسرحي. و ذلك بالرجوع إلى الأشكال التراثية الأصيلة كالمقامة، و
الاحتفالات الدينية، و الألعاب الشعبية، وحلقات السمر، و المداح، و الحكواتي، و
خيال الظل، و فن الحلقة، و فن البساط...، و غيرها. فظهر في
سوريا المسرح التجريبي، و في مصر المسرح الطليعي، و في المغرب المسرح الاحتفالي. و من رواد هذه المرحلة نذكر: سعد الله ونوس، و أحمد الطيب العلج، و الطيب الصديقي، و نجيب سرور، و علي سالم، و محمود دياب، و عبد الكريم برشيد...
5ـ ثنائية النص و العرض:
ينبغي التمييز بين مفهومين أساسيين هما: