المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة
recent
مشاركات ساخنة

المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة

المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة

المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة

المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة
المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة
المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة

المقدمة

يعتبر فن المسرح من أقدم الفنون التعبيرية، حيث ظهر في الحضارة اليونانية مع مجموعة من المسرحيين الكبار من أبرزهم "سوفوكليس" و "أرسطوفان" و "يوربيديس". و قد تطور هذا الفن بعد عصر النهضة على يد مجموعة من كبار الكتاب لعل أبرزهم "موليير" و "وليام شكسبير". و يقوم هذا الفن على مبدأين هما الصراع الدرامي، و ما سماه أرسطو بمبدأ التطهير. كما يجمع بين مجموعة من الفنون كالموسيقى و الغناء و الرقص و الشعر و التمثيل...، لذلك لُقِّب بأب الفنون.

  و قد انتقل هذا الفن إلى العالم العربي في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين مع مجموعة من الكتاب كأحمد أبي خليل القباني و مارون النقاش و يعقوب صنوع، نتيجة مجموعة من العوامل كالترجمة و انتشار الطباعة و الصحافة و البعثات الثقافية و الاستعمار الأوروبي و الاقتباس و حملة نابليون على مصر...؛ و سيحاول الكتاب العرب تأصيل هذا الفن عن طريق الرجوع إلى التراث العربي و استلهام بعض الخصائص التمثيلية كفن البساط و خيال الظل و فن الحلقة و المقامات...

و من أبرز رواد هذا الفن في العالم العربي نذكر: جورج أبيض، و سعد الله ونوس، و علي سالم، و عبد الكريم برشيد، و الطيب الصديقي...، إضافة إلى صاحب النص الكاتب المصري توفيق الحكيم من مواليد سنة 1898. من أعماله المسرحية "أهل الكهف"، و "سليمان الحكيم". توفي سنة 1987. و النص قيد التحليل عبارة عن نص مسرحي مأخوذ من كتاب "مسرح المجتمع".

ـ ترى ما موضوع هذه المسرحية؟ و ما طبيعة أحداثها؟

ـ و ما الخصائص الفنية التي استعان بها الكاتب للتعبير عن القضية التي يطرحها؟

ـ و ما رهان الكاتب؟ و إلى أي حد استطاع أن يمثل هذا النص خصائص فن المسرحية ؟

    من خلال الملاحظة البصرية، و قراءتنا للعنوان"الكنز"، و بداية النص و نهايته، و كذا بعض المؤشرات الدالة (الكنز ـ الخطيب ـ درية ـ المال...)، نفترض أن النص عبارة عن مسرحية تعالج قضية اجتماعية فكرية تتعلق بالصراع بين القيم المادية كالجشع و الطمع و حب المال، و القيم الروحية كالقناعة و الإيمان، من خلال تصوير الحوار الذي دار بين أفراد عائلة حول موضوع الزواج و السعادة...

العرض

    تدور أطوار الحوار في بيت عائلي يتكون من أب و أم و بنت، إضافة إلى الخطيب، حول موضوع الزواج. حيث استهل الكاتب النص بمحاولة الأب إقناع ابنته بأهمية قبول الزواج من الخطيب الثري طمعا في المال، و اعتقادا منه بأن المال يحقق السعادة، إلا أن "درية" رفضت ذلك لعدم حبها له. لتدخل في المشهد الثاني شخصية أخرى و هي الخطيب الثاني متقمصا دور الساحر، حيث سيوهم العائلة بوجود كنز في البيت، الشيء الذي جعلها تهمل الخطيب الأول، وكرد فعل منه سيخرج مسرعا في غضب.

   و سينفرد "مراد" بـ"درية" بعد ذلك، ليحاول إقناعها بالرؤية الحقيقية للحياة، و قيمة الإيمان والقناعة و الحب في تحقيق السعادة، و سينجح في ذلك. ليحاولا معا إقناع كل من الأب و الأم بالاعتماد على مجموعة من الحجج و البراهين، لتنتهي المسرحية بنجاحهما في تغيير نظرتهما للحياة.

     فالمسرحية إذن تعالج قضية اجتماعية فكرية تتعلق بالصراع بين الرؤية المادية (الطمع، وحب المال...)، و بين الرؤية الروحية(القناعة و الإيمان و الحب...)، في المجتمع العربي.

و يمكن تقطيع تلك الأحداث إلى متواليات و مقاطع باعتماد الخطاطة السردية، كالآتي:

ـ وضعية البداية(العرض): حوار الأب و الأم مع الخطيب الأول حول "درية".

ـ العنصر المخل: تقدم الخطيب الثري للزواج و موافقة الأب، و رفض "درية"...

ـ وضعية الوسط (العقدة): دخول مراد، و بداية الصراع بين الطرفين: أصحاب الرؤية المادية (الخطيب و الأب)، و أصحاب الرؤية الروحية(مراد و درية)، و محاولة إقناع الأب بأهمية الإيمان بالقيم الروحية، الشيء الذي شكل عاملا مساعدا لدرية من أجل التخلص من الخطيب الأول...

ـ عنصر الانفراج: انسحاب الخطيب الأول، و اقتناع درية بموقف مراد، و إقناع الأب و الأم.

ـ وضعية النهاية (الحل): تغير موقف الأب و الأم، و اقتناعهما بأهمية الإيمان و الجانب الروحي في تحقيق السعادة...، و عودة التوازن لدرية، و بالتالي انتصارها، بانهزام العامل المعيق الخطيب الأول، و تحول الأب إلى جانب الشخصية الرئيسة.

و قد ساهمت مجموعة من القوى الفاعلة في بناء الأحداث و تناميها و تطويرها، نذكر منها:

بالنسبة للشخصيات نجد: الأب محمود، و الأم، و الخطيب الثري، و مراد الخطيب الثاني، و درية، و الخادم؛ أما الأشياء فنذكر منها: الشاي، و الفنجان، و ورق البنكنوت، و المال، و الكنز...؛ بينما الأمكنة فنجد: البيت، و الحجرة، و الشرفة...؛ في حين أن الأحاسيس و الأفكار التي أثرت في الأحداث و الشخصيات فهي: التوتر، و الانفعال، و الحزن، و الغرور، و الإيمان، و التواضع، و القناعة، و الحب...؛ أما بالنسبة للأفعال و الحركات فنذكر منها: رفض درية الجلوس مع الخطيب الثري، و مجيء مراد، و تقمص دور الساحر، و مغادرة الخطيب الثري، و بقاء مراد مع درية...

      و قد أدت هذه القوى الفاعلة أدوارا عاملية مختلفة، يمكن تلخيصها في الخطاطة التالية: 

المسرحية، نص تطبيقي: تحليل النص المسرحي "الكــنــز" لتوفيق الحكيم، بتطبيق المنهجية السابقة


    الشخصية الرئيسة الأولى هي "درية"، و هي شخصية ثابتة، و من سماتها الاجتماعية والنفسية أنها فتاة شابة و مثقفة، تنتمي للطبقة المتوسطة، و حيدة، تتصف بالقناعة والتواضع و الوعي و الإيمان بالجانب الروحي، كانت تعيش في بداية المسرحية أزمة نفسية بسبب رغبة الأب في تزويجها من الخطيب الثري، لكنها نجحت في تحقيق توازنها النفسي في نهاية المسرحية بفضل مراد...؛ فهي نموذج اجتماعي يمثل الفتاة العربية التي تخضع لسلطة الأب و التقاليد، يعكس الأزمات الاجتماعية و النفسية التي يعيشها الواقع المصري والواقع العربي عامة، حيث تهيمن الرؤية المادية.

   أما الشخصية الثانية فهي "مراد عبد اللهو هي شخصية نامية، و من سماته الاجتماعية والنفسية أنه شاب عازب و مثقف، و مهندس أخصائي في المناجم، تخرج حديثا، ينتمـــــي للطبقة المتوسطة. يتصف بالقناعة و التواضع و الإيمان بالجانب الروحي للحياة، و محــب لدرية.. تقمص دور الساحر عند دخوله في الحوار، لكنه سرعان ما كشف عن هويتـــــه. و هو نموذج اجتماعي يرمز إلى الفئة المثقفة التي تمثل الوعي الصحيح في المجتمع العربي...

أما الشخصيات الثانوية فهي:

ـ الأب: اسمه محمود، و من صفاته أنه رجل متزوج، و رب لأسرة، ينتمي للطبقة المتوسطة، و محب للمال، و سلطوي، و أناني، و انفعالي، و متقلب المزاج و الأفكار، يتصف بالطمع و الجشع و حب المال...

ـ الخطيب الأول: من صفاته أنه رجل ثري، ينتمي للطبقة البورجوازية، متكبر، و مغرور، و سلطوي، و استغلالي، و محب للتملك...

ـ الأم: ربة بيت، طيبة القلب، و حنونة، و مطيعة لزوجها، و تطغى عليها الرؤية المادية...

وتجسد المسرحية عدة أشكال من الصراع الدرامي، هي:

ـ الصراع الاجتماعي: و هو صراع بين الطبقات الاجتماعية، حيث نجد الطبقة البورجوازية التي تملك المال و السلطة و تحاول السيطرة على المجتمع و يمثلها الخطيب الأول. و الطبقة المتوسطة التي تطمح إلى الوصول إلى مكانة الطبقة الغنية و يمثلها كل من الأب و الأم. أما الطبقة الثالثة فهي الطبقة المثقفة و يمثلها مراد و هي طبقة تحاول إثبات نفسها و الدفاع عن وجودها و عن قيمها، و مواجهة تسلط  الطبقة البورجوازية. و قد انتهى هذا الصراع بانتصار الطبقة المثقفة، لأنها تمثل الوعي الحقيقي و الصحيح...

ـ الصراع الفكري: و يتلخص في حضور موقفين متعارضين: موقف كل من درية و مراد الذي يؤمن بالرؤية الروحية للحياة، و موقف كل من الأب و الخطيب الأول الذي يؤمن بالرؤية المادية و بأن السعادة هي الغنى و المال...، وقد انتصر الموقف الأول بعد انسحاب الخطيب الأول و تغير موقف الأب. فالكاتب إذن ينتقد الرؤية المادية للحياة و يدعو إلى التشبث بالقيم الروحية الفاضلة باعتبارها مصدرا للسعادة.

ـ الصراع النفسي: و يمثله كل من درية باعتبارها الطرف الأول في الصراع فهي تعيش ضغوطا نفسية بسبب الأب و الأم اللذين حاولا إرغامها على الزواج من الرجل الثري طمعا في ماله...؛ و الأب باعتباره الطرف الثاني في الصراع، فهو يعيش معاناة نفسية بسبب رفض درية الزواج من الخطيب الثري، و ضياع فرصة العمر في التحول إلى الطبقة الغنية.

و قد تأطرت أحدات المسرحية و أطوار الحوار ضمن مكان أساسي هو البيت، و من دلالاته أنه يرمز إلى الاستقرار و الإخلاص و الحب و التلاحم الأسري، كما أنه يرمز في بداية المسرحية إلى التسلط و المعاناة و الطمع و هيمنة الرؤية المادية، أما في الوسط فقد أصبح يرمز إلى الصراع و المواجهة، بينما في نهاية المسرحية فيرمز إلى السعادة و الحب و الإيمان بالقيم الروحية و التوازن و الطمأنينة...، فدلالاته إذن تتغير بتطور الأحداث، و تغير نفسية الشخصية الرئيسة درية.

جرت الأحداث في لحظة زمنية محددة وهي زمن الخطبة، التي تترواح بين بضع ساعات. والملاحظ أن الكاتب لم يركز على الزمن الواقعي...



author-img
موقع عالم اللغة العربية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent