سؤال الذات نص تطبيقي:"إلى دودة" لميخائيل نُعيمة، تطبيق المنهجية السابقة
recent
مشاركات ساخنة

سؤال الذات نص تطبيقي:"إلى دودة" لميخائيل نُعيمة، تطبيق المنهجية السابقة

 سؤال الذات نص تطبيقي:"إلى دودة" لميخائيل نُعيمة

سؤال الذات نص تطبيقي:"إلى دودة" لميخائيل نُعيمة

تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة شعرية تنتمي لحركة سؤال الذات
سؤال الذات نص تطبيقي:"إلى دودة" لميخائيل نُعيمة، تطبيق المنهجية السابقة

سؤال الذات نص تطبيقي:"إلى دودة" لميخائيل نُعيمة، تطبيق المنهجية السابقة

المـقـدمــة:

   حركة سؤال الذات حركة شعرية ظهرت في العالم العربي مع مطلع القرن العشرين، وقد جاءت كرد فعل على تيار البعث و الإحياء الذي همش الذات الشاعرة، حيث  حاولت رد الاعتبار لهذه الذات، وجعلها مصدرا للإلهام الشعري، فعبر شعراؤها عن هيامهم بالطبيعة والمرأة الحلم، ونفورهم من الواقع الإنساني، معتمدين في ذلك على خيالهم الواسع. كما حاولوا خلق شكل جديد خاص بتجربتهم .

     وقد ساهمت في ظهورها  عدة عوامل نذكر منها: الاحتكاك الثقافي بالغرب، وصعود الطبقة البورجوازية، والتأثر بالقيم الليبرالية، إضافة إلى هشاشة البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بسبب الاستعمار الأوروبي... و غيرها. كما تأثر شعراء هذا التيار بالشعر الغربي خاصة الشعر الإنجليزي، والتراث الشعري العربي، علاوة عن الاطلاع على  الصوفية، والتأثر بالديانة المسيحية...إلخ. ومن  أهم  مدارس هذه الحركة نذكر :جماعة الديوان، ومن روادها: عباس محمود العقاد، وعبد الرحمان شكري، وإبراهيم عبد القادر المازني. ومدرسة الرابطة القلمية، ومن روادها: جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي، ونسيب عريضة...وغيرهم. إضافة إلى مدرسة أبولو، ومن أبرز أعلامها: أحمد زكي أبو شادي، وعلي محمود طه، وإبراهيم ناجي، وأبو القاسم الشابي ...، إضافة إلى  صاحب النص ميخائيل نعيمة، ويعتبر من أبرز رواد حركة سؤال الذات، فهو فيلسوف الرابطة القلمية وناقدها، من مو اليد سنة 1889، شاعر لبناني. تأثر بالإنجيل وبالتصوف الإسلامي...، وقد توفي سنة 1988. والنص قيد التحليل عبارة عن قصيدة شعرية عمودية البناء تعتمد نظام الشطرين المتناظرين(يجب الانتباه جيدا لشكل القصيدة) . مأخوذة  من ديوان "همس الجفون"

ـ  ترى ما مضمون  القصيدة ؟ و كيف عبر الشاعر عن تجربته الشعرية؟ 

ـ   وما الوسائل اللغوية والفنية التي وظفها الشاعر في سبيل ذلك؟ وما وظيفتها؟ 

ـ  وإلى أي حد استطاع هذا النص أن يمثل  خصائص  خطاب سؤال الذات؟ 

        من خلال الملاحظة البصرية، وقراءتنا  للعنوان (إلى دودة)، وبداية النص ونهايته، وكذا بعض المؤشرات الدالة (تدبين ـ جسمي الفاني ـ دودةـ نعشي...)، نفترض أن النص سيكون عبارة عن قصيدة شعرية عمودية البناء، تعتمد نظام الشطرين المتناظرين، ووحدة القافية، والروى؛  مضمونها وصف معاناة الشاعر وما يعيشه من شك، وحيرة، وصراع داخلي في الواقع الإنساني، عن طريق مقارنة عالمه بعالم الدودة التي تعيش في الطبيعة...

العرض:

           يصف الشاعر تجربته الذاتية مع الطبيعة والواقع، حيث  يستهل  قصيدته بوصف معاناته وتقلب أحواله بسبب الواقع الإنساني، وما يعيشه من صراع داخلي؛ لينتقل بعد ذلك إلى تصوير عالم الدودة و ما تعيشه من سعادة و طمأنينة في الطبيعة، مقارنا عالمه الإنساني الكئيب بعالمها المسالم، متمنيا أن يعيش حياة مثلها بعيدا عن التفكير و الصراع...، مع تصويره للصراع الداخلي الذي يعيشه بين قلبه المسلم و فكره العنيد؛ خاتما قصيدته بمجموعة من الحكم التي استنبطها من خلال تأمله للكون و للحياة...

        و يمكن تقسيم القصيدة إلى أربع وحدات دلالية: فالوحدة الأولى تبدأ  من البيت الأول و تنتهي في البيت الرابع، و فيها يصور الشاعر معاناته و تقلبات أحواله، أما الوحدة الثانية فتمتد من البيت الخامس و تنتهي في البيت الحادي عشر، و في هذه الوحدة يقارن الشاعر بين عالمه المتقلب وعالم الدودة المسالم و السعيد، بينما  الوحدة الثالثة  فتمتد من البيت الثاني عشر و تنتهي في البيت الخامس عشر، و فيها يصور الشاعر ما يعيشه من صراع داخلي، في حين أنّ الوحدة الأخيرة فتطال ما تبقى من القصيدة و فيها يخبرنا الشاعر ببعض الحكم التي استنبطها من خلال تأمله للوجود و الحياة، بالتأكيد على تساوي جميع المخلوقات.. 

و بناء على القراءة الأفقية للقصيدة يمكن تقسيم معجم  النص إلى حقلين دلاليين هما : حقل دال على الذات الشاعرة، و من الألفاظ و العبارات الدالة عليه نذكر : جسمي ـ نعشي ـ أكفاني ـ أحزاني ـ أزحف ـ قلب...، و حقل  دال على الدودة (الطبيعة)، و من الألفاظ و العبارات الدالة عليه نجد: عمياء ـ تدبين ـ السماء ـ الأرض ـ أختاه...، و العلاقة بين الحقلين هي علاقة تنافر من جهة (بين العالمين : الواقع و الطبيعة)، و علاقة ترابط من جهة ثانية (من خلال تمني الشاعر الحلول في الدودةـ الطبيعةـ و العيش مثلها). مع هيمنة الحقل الدال على  ذات الشاعر باعتبارها بؤرة التجربة الشعرية و مركزها، و مصدر إلهام الشاعر.

    و قد وظف الشاعر معجما سهلا تقترب لغته من الحديث المألوف، يغلب عليه المعجم الوجداني ومعجم الطبيعة، و مثال ذلك : السماء ـ الأرض ـ أحزاني..الشيء الذي يبرز رغبة الشاعر في التجديد و تجاوز القديم.

       أما على مستوى الشكل فقد جاءت القصيدة عمودية البناء معتمدة نظام الشطرين المتناظرين. كما اعتمد الشاعر على إيقاع  خليلي، حيث نظم قصيدته على بحر الطويل بعروض صحيحة و ضرب مثلها. كما يظهر من خلال التقطيع التالي :     

              تدبين دب الوهن في جسمي الفاني         و أجري حثيثا خلف نعشي و أكفانِي

              تدببيــن دبب لوهن في جسمي لفاني       و أجري حثبثن خلف نعشي و أكفانِــي

                         اا0ا0 ا ا0 ا 0ا0 ا ا0  ا0 اا 0ا0 ا0       ا ا 0ا0 اا0ا0  ا0 ا  ا0ا0  اا0ا0ا0

            فعولن مـفاعيلــن فعـــولن  مفاعيــلن       فعولــــن مفاعيــلن فعولن   مفاعيلن

       إضافة إلى اعتماده على وحدة القافية و الروي، فقد وظف قافية مطلقة موصولة بالياء، مردوفة بالألف، رويها النون، و هي على الشكل التالي : (فاني ا0ا0)، أما الروي فهو حرف النون، و قد جاء مكسورا الشيء الذي يدل على انكسار الذات الشاعرة.

     و قد حافظ الشاعر على ظاهرة إيقاعية قديمة و هي التصريع و نجدها في البيت الأول: الفاني/ أكفاني، الشيء الذي يبرز تقليد الشاعر للشعراء القدامى من خلال اعتماده على إيقاع تقليدي.

كما نلاحظ أن الشاعر ميخائيل نعيمة قد استطاع خلق نغمة إيقاعية داخلية تناسب موضوع القصيدة...



author-img
موقع عالم اللغة العربية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent