تحليل القصة القصيـرة، نص تطبيقي: "دم و دخان" لمبارك ربيع، بتطبيق المنهجية السابقة
recent
مشاركات ساخنة

تحليل القصة القصيـرة، نص تطبيقي: "دم و دخان" لمبارك ربيع، بتطبيق المنهجية السابقة

 تحليل القصة القصيـرة، نص تطبيقي: "دم ودخان" لمبارك ربيع، بتطبيق المنهجية السابقة

تحليل القصة القصيـرة، "دم و دخان" لمبارك ربيع بتطبيق المنهجية السابقة

تحليل القصة القصيـرة، نص تطبيقي: "دم و دخان" لمبارك ربيع، بتطبيق المنهجية السابقة

تحليل القصة القصيـرة، نص تطبيقي: "دم و دخان" لمبارك ربيع، بتطبيق المنهجية السابقة

المقدمة :

     القصة عبارة عن فن نثري سردي حديث، ظهر في العالم الغربي  في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر، و تطور على يد مجموعة من الكتاب العالميين كــموباسان، و تشيخوف، و زولا... و غيرهم. و قد عرف النثر العربي تطورا كبيرا بظهور فن القصة، حيث انتقل هذا الفن إلى العالم العربي في مطلع القرن العشرين، نتيجة مجموعة من العوامل أبرزها: الاحتكاك الثقافي بالغرب، و ظهور الطباعة، و انتشار معدل القراءة، و  ظهور الصحافة، إضافة إلى الرغبة في وصف الواقع و الأوضاع الاجتماعية المزرية...

   و تعتبر القصة من أنسب الفنون التعبيرية السردية التي تعبر عن تفاعلات الحياة اليومية و مشكلاتها، كما تتميز بقدرتها على التقاط تفاصيل الحياة الواقعية في أسلوب مختزل يعتمد على اللحظة و اللقطة...، و من أبرز خصائصها كذلك أنها تتسم بالتكثيف، و اقتصارها على حدث رئيس واحد، و توظيفها لشخصيات قليلة...إلخ.

    و من أبرز روادها نذكر: نجيب محفوظ، و محمود تيمور، و يوسف إدريس، و زكريا تامر، و أحمد بوزفور و عبد الكريم غلاب...، إضافة إلى صاحب النص الكاتب و القاص المغربي مبارك ربيع، و هو كاتب و قاص و روائي مغربي من مواليد 1940، كتب القصة القصيرة و الرواية و قصص الأطفال و الدراسات النفسية و النقدية...و يعتبر من أبرز رواد هذا الجنس الأدبي.

   و النص قيد التحليل عبارة عن قصة قصيرة ذات طابع اجتماعي، مأخوذة من المجموعة القصصية "دم و دخان".

ـ ترى ما القضية التي تعبر عنها القصة ؟ و ما طبيعة أحداثها ؟ 

ـ و ما الخصائص الفنية التي استعان بها الكاتب للتعبير عن ذلك ؟     

ـ وما رهان الكاتب؟ وإلى أي حد استطاع هذا النص أن يمثل خصائص فن القصة القصيرة؟

    من خلال الملاحظة البصرية، و قراءتنا للعنوان (دم و دخان)، و بداية النص و نهايته، و كذا بعض المؤشرات الدالة: دم ـ دخان ـ دحمان ـ المستشفى ـ الرجل المجلبب...، نفترض أن النص عبارة عن قصة قصيرة ذات طابع اجتماعي واقعي، تعبر عن قضية اجتماعية، تتعلق بالفقر و الاستغلال و الاحتيال، حيث تدور أحداثها حول معاناة دحمان الذي اضطر إلى بيع دمه بسبب الفقر، و تعرض للنصب و الاحتيال...

العرض:

     تدور أحداث القصة حول دحمان، و هو رجل فقير يعاني من البطالة و الحرمان، متزوج و أب لأبناء. دفعته الظروف القاسية إلى بيع دمه من أجل الحصول على بضعة دراهم ليسد بها جوع أبنائه، و يلبي رغبة زوجته الحامل. حيث سيتفق مع رجل مجلبب (سمسار) لبيع دمه مقابل خمسين درهما. و بعد دخوله للمستشفى أثاره جمال المكان، و فخامة الأريكة، الشيء الذي يدل على شدة حرمانه. ليصف بعد ذلك علبة الدم و تعامل الطبيب و الممرضة معه، خاصة بعد سؤاله عن قرابته بالمريضة، و عن ورقة الدم...؛ و بعد انتهائه، توجه إلى الخارج من أجل أخذ المال المتفق عليه، إلا أنه سيتعرض للنصب و الاحتيال من طرف الرجل المجلبب الذي ادعى أنه اتفق معه على عشرة دراهم فقط. و بعد أخذ و رد آثر دحمان الانسحاب حفظا لكرامته و صونا لماء وجهه أمام جموع الناس. ليتوجه بعد ذلك إلى الجزار المعلم علي و يطلب منه شراء قطعة كبد، و شحم رقيق على غير عادته، نزولا عند رغبة زوجته الحامل. و بعد وصوله للمنزل التف حوله الأبناء، لكن سرعان ما سيلتحقون بأمهم التي بدأت في شواء الكبد، الشيء الذي تسبب في دخان كثيف في المنزل الضيق.

و قد دخل البطل في عملية استرجاع لأحداث المستشفى، ليستيقظ من تأملاته بعد تقديم زوجته له سفود كبد أخطأ في الإمساك به عدة مرات، فتناول قطعا منه، إلا أنه وجد صعوبة في مضغها بسبب تعبه و إرهاقه و كذا تخدر ذراعه...

     فالقصة إذن ذات اتجاه واقعي اجتماعي، تعبر عن قضية اجتماعية واقعية تتعلق بالفقر و الاستغلال و الاحتيال في المجتمع المغربي، من خلال سرد تجربة دحمان المأساوية الذي دفعته الظروف إلى بيع دمه مرات عديدة للعيش بكرامة، و تعرضه للاحتيال. و هي قضية تبرز بشكل كبير في المجتمعات العربية عامة، حيث تهيمن القيم الرذيلة...

و يمكن تقطيع النص باستثمار الخطاطة السردية إلى المتواليات و المقاطع المتعاقبة التالية:

أ ـ وضعية البداية: وقوف دحمان أمام مسطبة المعلم علي و شراء قطع الكبد مع الشحم في منتصف النهار على غير عادته، و هي بداية دينامية، حزينة.

ب ـ وضعية الوسط / سيرورات التحول:

ـ العنصر المخل/الحدث الطارئ: الفقر و البطالة، و تعرض البطل للنصب من طرف الرجل المجلبب.

ـ تطور الأحداث: الذهاب إلى المستشفى بحثا عن زبون جديد و بيعه لدمه مقابل بضع دراهــــــــم، و دخوله للمستشفى و حواره مع الطبيب، ثم خروجه، و تعرضه للنصب...

ـ عنصر الانفراج/ النتيجة: بيع دحمان لدمه، و الانسحاب أثناء صراعه مع الرجل المجلبب، و هو حل مؤقت و ترقيعي يعكس الأزمة الاجتماعية العميقة التي يعيشها المجتمع المغربي...

ج ـ وضعية النهاية: محاولة دحمان مضغ الكبد، و إحساسه بالتعب و الإرهاق بسبب كثرة بيعه لدمه، و تأمله. و هي نهاية مأساوية كرست استمرار معاناة دحمان، و توافق وضعية البدايـة، كما تعكس استمرار مأساة فئة عريضة في المجتمع المغربي بسبب الفقر والاستغلال والفساد و الاحتيال...

  و يمكن تقسيم شخصيات هذه القصة إلى قسمين هما:

أ ـ الشخصية الرئيسة: و يمثلها دحمان (يمكن الإشارة إلى دلالات الاسم)، و هو شخصية معقدة، تطورت بين بداية القصة و نهايته، و تأزمت وضعيتها. و من صفاته الاجتماعيـــــة و الفيزيائية أنه رجل فقير، و متزوج، و له أبناء. يعيش في بيت ضيق و متواضع يتكون من حجرة واحدة، رجل أمي، و قوي البنية، يعاني من الحرمان و البطالة، يبيع دمه من أجل الحصول على لقمة العيش...؛ أما صفاته النفسية فهي: اليأس، و القلق، و الحزن، و التوتر، و التضحية، و الصبر، و الوفاء، و المسؤولية، و الامتنان...إلخ.

   فالقصة إذن تقدم لنا نموذجا اجتماعيا يحضر بشكل كبير في مجتمعنا، و هو نموذج يعكس الأزمات الاجتماعية و الأخلاقية التي يعيشها الواقع العربي عامة و الواقع المغربي خاصة، فهو يرمز إلى الطبقة الفقيرة و المهمشة...

ب ـ الشخصيات الثانوية، و يمثلها كل من:

ـ الرجل المجلبب: و هو رجل غامض و مجهول الهوية يرتدي جلبابا، بشوش الوجه، و يتصف بالاستغلال و الاحتيال، و الانتهازية، فهو يرمز إلى طبقة السماسرة التي تتاجر في حياة الناس من أجل المال...

ـ الطبيب: موظف شاب، يحمل على صدره سماعة، غني، ينتمي للطبقة الغنية، يتصف بالطيبوبة و اللطف، و المسؤولية، يقوم بأداء وظيفته بمهنية...

ـ الزوجة: ربة بيت، فقيرة، و أم لأبناء، و حامل. تتصف بالصبر و التضحية و المسؤولية...، فهي ترمز إلى فئة اجتماعية تعاني من التهميش، و غياب الحماية الاجتماعية، و هي فئة ربات البيوت...

ـ المعلم علي: جزار ينتمي للطبقة المتوسطة لا يهمه سوى الربح و التجارة...، فهو يرمز لفئة التجار.

و تختلف العلاقة بين هذه الشخصيات حسب انتماءاتها الفكرية و الاجتماعية، فعلاقة دحمان بالرجل المجلبب هي علاقة استغلال و صراع، أما علاقته بالطبيب فهي علاقة مصلحة و عمل، في حين أن علاقته بزوجته فهي علاقة مسؤولية و حب و تضحية...

    و قد ساهمت مجموعة من القوى الفاعلة في بناء الأحداث و تناميها و تطويرها، نذكر منها:

     بالنسبة للشخصيات نجد: دحمان، و الرجل المجلبب، و الطبيب، و الجـــــــزار، و الأم، و الأولاد...؛ أما الأشياء فنذكر منها: الشوكة، و القهوة، و النقود، و ورقة الدم، و الورقة النقدية، و الدم، و السفود المعدني، و قطع الكبد، و الدخان، و الحائط، و الأريكة الفخمة...؛ أما بالنسبة للأمكنة فنجد: المستشفى، و البيت، و المصطبة...؛ في حين أن الأحاسيس و الأفكار التي أثرت في الأحداث فهي: اليأس، و الإحساس بالذنب، و الامتنان، و الاشمئزاز، والظلم، و التعصب، و الانفعال، و الهدوء...؛ أما بالنسبة للأفعال و الحركات فنذكر منها: بيع الدم، و محاولة تقطيع الورقة النقدية، و شراء الكبد، و الصعود فوق الأريكة...

   و قد أدت هذه القوى الفاعلة أدوارا عاملية مختلفة، يمكن تلخيصها في الخطاطة التالية: 

تحليل القصة القصيـرة، نص تطبيقي: "دم و دخان" لمبارك ربيع، بتطبيق المنهجية السابقة


   و العلاقة بين المرسِل و المرسَل إليه هي علاقة إرسال و استفادة، أما العلاقة بين الذات والموضوع فهي علاقة رغبة، بينما العلاقة بين المساعد و المعيق فهي علاقة صـــــراع. و بما أن العامل المساعد كان أقوى فقد انتصر.


author-img
موقع عالم اللغة العربية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent