"ظاهرة الشعر الحديث"، الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث
recent
مشاركات ساخنة

"ظاهرة الشعر الحديث"، الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث

 "ظاهرة الشعر الحديث"، الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث

ظاهرة الشعر الحديث، الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث
"ظاهرة الشعر الحديث"، الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث

تمهيد: التطور التدريجي في الشعر الحديث

   يتحدث المعداوي في الصفحات الأولى من هذا الفصل عن شروط تطور الشعر العربي، وقد حصرها في شرطين هما:

  •        الاحتكاك الثقافي و الفكري مع الثقافات الأجنبية؛
  •         توفر الشعراء على قدر من الحرية.
 1ـ سؤال الذات: (جماعة الديوان ـ الرابطة القلمية ـ جماعة أبوللو).

        وقد رأى الناقد أن هذين الشرطين قد تحققا في العصرين العباسي والأندلسي، الشيء الذي أثمر بعض مظاهر التجديد. وقد حصل الأمر نفسه في العصر الحديث مما ساهم في ظهور بعض التيارات الشعرية التي نادت بالتجديد على مستويي المضمون والشكل، ودعت إلى تجاوز التقليد، وجعل ذات الشاعر بؤرة للتعبير الشعري. ومن أبرز تلك التيارات نذكر:

 2ـ حركة الشعر الحر التي ظهرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي وُلِدت مع النكبة الفلسطينية(1948)، الشيء الذي أتاح حرية أكبر للشاعر.

"ظاهرة الشعر الحديث"، الفصل الاول: التطور التدريجي في الشعر الحديث

القسم الأول: نحو مضمون ذاتي

1ـ محاكاة الأقدمين (البعث والإحياء):

انحصرت مهمة شعراء البعث والإحياء في إزالة رواسب الانحطاط عن الشعر العربي عن طريق الرجوع إلى فترات ازدهار الشعر العربي القديم، وإحياء خصائص القصيدة القديمة باعتماد لغة القدماء، واتباع أساليبهم البيانية، واقتفاء آثارهم في المعاني والأفكار. إذن فهي حركة تقليدية محافظة، وتعتبر نقطة التحول الأولى في الشعر الحديث.

2 ـ التيار الذاتي (الرومانسية):

      بدأ الاتجاه إلى الذات يصبغ المضامين الشعرية الحديثة منذ ظهور جماعة الديوان، إلا أنه لم يتبلور إلا من خلال جهود تيار الرابطة القلمية وجماعة أبوللو. وقد جاءت التجربة الذاتية كرد فعل على الحركة الإحيائية التي اتجهت نحو التراث وأهملت ذات الشاعر.

ومن أهم مدارسها:

1ـ جماعة الديـــــوان

     سميت بالديوان نسبة إلى الكتاب الذي أصدره العقاد والمازني بهذا الاسم سنة 1921. ففي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بدأ المجتمع المصري يعرف عدة تحولات أبرزها:

ـ صعود الطبقة البورجوازية.

ـ حصول نوع من التلاحم الفكري بين الأجيال الجديدة وبين الحضارة الحديثة.

فبدأت جماعة من الشعراء تدعو إلى قيم جديدة تتناغم مع شعار العودة إلى الذات، وهم:

عباس محمود العقاد، وعبد القادر المازني، وعبد الرحمان شكري.

ـ تعريفهم للشعر بأنه الوجدان:                                                          

التقى هؤلاء الشعراء عند فكرة واحدة هي أن: الشعر وجدان، غير أنهم اختلفوا في تعريفهم لمفهوم الوجدان:

ـ فهو عند العقاد مزيج من الشعور والفكر.

ـ وعند شكري تأمل في أعماق الذات.

ـ أما عند المازني فهو كل ما تفيض به النفس من شعور وعواطف.

    وهذا الاختلاف ظهر على مستوى المضامين الشعرية حيث مال شعر العقاد إلى الفكر، يقول :

              وأنت دان نافر، راحم        قاس، محب كاره، لا تدوم

حيث يطغى الجانب الفكري على الجانب الشعوري، مما جعل بعض النقاد يصفون العقاد بأنه مفكر قبل أن يكون شاعرا.

أما شكري فعكس ذلك حيث يطغى الجانب الشعوري، لأن المعاني لا تدرك بالعقل وإنما بالقلب. حيث يقول:

لن تراها بالرأي حتى تراها       بفؤاد موفق يقظان

وتلك النغمة الذاتية نجدها حاضرة في شعره بشكل كبير، فهي وليدة تأمل حر.

في حين أن المازني فتعامل مع الأشياء تعاملا أساسه الانفعال المباشر دون تدخل للعقل. فهو كاره للحياة مبغض لها، حيث يقول:

فيا نور عيني إن في القلب ظلمة        فلح لي فقد أدجى السماء مغيب

ويقول أيضا:

أَكُلّما عشت يوما          أحسست أنّي متّه

ورغم اختلاف هؤلاء الشعراء في المضامين الشعرية إلا أنهم توحدوا في دعوتهم إلى الوجدان بإيمانهم بقيمة العنصر الذاتي.

2ـ الرابطة القلمية:

نشأت بالشمال في نيويورك، رئيسها جبران خليل جبرن، ومستشارها ميخائيل نعيمة...؛ فإذا كانت الهجرة هي غربة الجسد، والروح، واللسان، فقد اتجه الشاعر المهجري اتجاها كليا نحو الوجدان والذات، لا سيما نعيمة، وجبران، حيث أراد شعراء هذه الحركة أن يوسعوا مفهوم الوجدان لكي يشمل الحياة والكون. فآمنوا بفكرة وحدة الوجود...

فالوجدان عند الرابطة القلمية هو النفس والحياة والكون، فهو هروب من الواقع المتناقض، ومن الناس والحضارة إلى الغاب حيث الحياة صاخبة لا تناقض فيها. يقول جبران:

            ليس في الغابات حزن        لا، ولا فيها الهمـــــــوم

فالغاب مصدر السعادة والصفاء، فهو فلسفة يعيش بها الشاعر الوجداني، وأتباع هذا التيار كجبران، ونعيمة، وإيليا أبو ماضي، ونسيب عريضة، وندرة حداد...؛ و يلاحظ الناقد أن التعبير عن الذات عندهم ارتبط بمعاني اليأس، والتردد، والقناعة، والاستسلام...

يقول أبو ماضي:       رَضِيتْ نفْسي بقسمتها       فَلْيُراوِدْ غيري الشُّهُبـــــــا

فالهروب من الناس والحضارة إلى الغاب هي السمة الأبرز لديهم، يقول نسيب عريضة:

أصَبْتِ يا نفْسُ فاتبعيني    فليس كالغابِ من مقامِ

3ـ أبّـــولّــــــو:

سميت بأبوللو نسبة إلى إلاه الشعر عند اليونان، وهي حركة أسسها الدكتور أحمد زكي أبو شادي سنة 1932، ومن أبرز روادها: أبو القاسم الشابي وإبراهيم ناجي...



author-img
موقع عالم اللغة العربية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent