المنهج الاجتماعي، نص نظري: تطبيق المنهجية في تحليل النص النظري "المنهج الاجتماعي"، للناقد نبيل راغب
تطبيق المنهجية السابقة في تحليل نص نظري حول المنهج الاجتماعي
المقدمة:
يعتبر المنهج
الاجتماعي من أهم المناهج
النقدية الحديثة التي ظهرت في تاريخ النقد الأدبي، وقد ظهر
في أوروبا في القرن التاسع عشر مع مجموعة من النقاد من أبرزهم الأديبة الفرنسية مادام
دي ستايل، و الناقد الفرنسي "هيبوليت تين" الذي ربط
الأدب بالعصر و البيئة، إضافة
إلى الناقد المجري جورج لوكاتش...
و يتميز هذا المنهج بربط النصوص الأدبية بشروط إنتاجها الاجتماعية، و الظروف التي أحاطت بها، فالأدب بالنسبة له هو انعكاس للمجتمع، و ظاهرة اجتماعية
بامتياز، كما أن الأديب كائن اجتماعي ينتج أدبا لمجتمعه و ليس
لنفسه. فهو منهج نقدي تفسيري، أي أنه يفسر النص الأدبي عن طريق ربطه
بالبيئة، و المجتمع الذي انبثق فيه، موظفا في ذلك معطيات علم الاجتماع. و قد تطور هذا
المنهج مع الناقد "لوسيان
غولدمان" الذي ابتكر المنهج البنيوي التكويني(التوليدي) بناء على خمس
فرضيات، جمعت بين
البنيوية، والسوسيولوجية(علم
الاجتماع)، و بناء على مفهومين هما الفهم و التفسير.
و قد انتقل
هذا المنهج إلى العالم العربي في الخمسينيات من القرن العشرين، نتيجة المثاقفة مع الغرب و انتشار
الصحافة، و الترجمة، و كذا البحث عن نقد موضوعي. و حظي
بتجاوب واسع من طرف النقاد العرب، و حاولوا تطبيقه في تحليل الأدب العربي القديم والحديث...
و قد
واكبت هذا المنهج النقدي مجموعة
من الدراسات النقدية حاولت
تأطيره في النقد العربي
الحديث، و مواكبته من خلال التعريف به، و التّنظير له. و من
أبرز النقاد الذين درسوا هذه القضية، و
نَظَّروا لها، نذكر: سلامة
موسى، و نجيب
العوفي، و صلاح
فضل..، إضافة إلى صاحب النص الكاتب و الناقد نبيل لراغب و هو من أبرز النقاد الذين درسوا هذا المنهج، وتتبعوا قواعده و مدارسه...
و
النص قيد التحليل يندرج ضمن الدراسات النقدية التي عالجت هذه القضية، فهو عبارة عن مقالة نقدية، مأخوذة من كتاب "موسوعة النظريات الأدبية".
ـ ترى ما القضية التي يعالجها
الناقد؟ و ما عناصرها؟
ـ و ما خصائص المنهج البنيوي التكويني؟
ـ و ما الطريقة المعتمدة في بناء النص؟ و ما الأساليب
الموظفة في عرض القضية؟ و ما مظاهر اتساق النص؟
من
خلال الملاحظة البصرية، و قراءتنا
للعنوان (المنهج الاجتماعي)،و بداية
النص ونهايته، و مصدر النص، و كذا بعض
المؤشرات الدالة: المجتمع ـ الأدب ـ السوسيولوجية ـ إيبوليت تين ـ غولدمان...،، نفترض
أن النص عبارة عن مقالة نقدية، تعالج قضية نقدية تتعلق بخصائص المنهج الاجتماعي و مراحل تطوره.
العرض:
يعالج الناقد نبيل راغب قضية نقدية تتعلق بخصائص
المنهج الاجتماعي و مراحل تطوره ومبادئه. ومن أهم عناصر هذه القضية كما وردت في النص نذكر: بداية ظهور المنهج الاجتماعي مع الأديبة مدام دي
ستايل، و مساهمة الناقد إيبوليت تين في نشر النظرية السوسيولوجية من خلال ربط الأدب بأسبابه، ثم
تبلور الاتجاه السوسيولوجي مع جورج لوكاتش و غولدمان، و ظهور البنيوية
التكوينية التي جمعت بين البنيوية و السوسيولوجية، و التي قامت على خمس فرضيات
ركزت على العمل الأدبي، و أخيرا اعتماد المنهج البنيوي التكويني في قراءته للنصوص
الأدبية على عمليتي الفهم و التفسير...
و يتميز
المنهج البنيوي التكويني بمجموعة من الخصائص نذكر منها: أنه يجمع بين البنيوية والسوسيولوجية بناء على خمس
فرضيات هي: أولا أن العلاقة بين الأدب
و المجتمع تتصل بالبنية العقلية؛ ثانيا أن هذه البنية العقلية هي أساس الحياة
الاجتماعية؛ ثالثا أن العلاقة بين بنية وعي المجموعة الاجتماعية و العمل الأدبي
توجِد تماثلا بينهما؛ رابعا أن أبنية المقولات هي التي تعطي الوحدة العضوية
والبنيوية للعمل الأدبي، و أخيرا رفض المنظور السيكولوجي الذي يحصر أبنية المقولات
في التصنيفات المجردة للوعي و اللاوعي
بالمفهوم الفرويدي. كما أن هذا المنهج يقوم في تفسيره للنصوص على عمليتين متكاملتين هما الفهم و التفسير.
و قد اعتمد الناقد في عرض مواقفه النقدية و تحليل القضية، على بنية
حجاجية استدلالية تقوم على الطريقة
الاستنباطية، حيث انتقل من العام (مراحل نشأة المنهج
الاجتماعي...)، إلى الخاص (بإبراز خصائص المنهج البنيوي
التكويني و فرضياته...)، معتمدا في ذلك على تصميم
منهجي محكم، يقوم على مقدمة قام فيها بتبيان مراحل نشأة
المنهج الاجتماعي، ثم عرض أبرز فيه خصائص المنهج البنيوي
التكويني و فرضياته، و أهميته في تفسير العمل الأدبي...؛ ثم خاتمة خلُص فيها إلى إبراز كيفية
تحليل هذا المنهج للنص الأدبي بناء على عمليتي الفهم و التفسير. معتمدا في ذلك مبدأ
التدرج، و نظام
الفقرات...
و استعان الناقد بمجموعة من الأساليب
الحجاجية كالتأكيد مثل:"إن فهم
النص..."، والنفي مثل "فلا يمكن استيعاب..."، إضافة
إلى الحصر مثل: "إنّما
تتصل بالأبنية..."، فضلا
عن الإضراب مثل: "بل هما عملية..."، و الاستنتاج و مثاله: "و يترتب على هذه الفرضيات..."، و أسلوب الشرط، و مثاله: "إذا كان الفهم...، فإن الشرح هو..."، فضلا عن الاستثناء، مثل: "إلّا بافتراض..."، و التعليل، مثل: "ذلك لأنه
ليس شيئا غامضا..."؛ و وظيفتها العامة هي إقناع القارئ و الدفاع عن
مواقف الكاتب، و الربط بين جمل النص وأفكاره و فقراته.
كما وظف الكاتب مجموعة
من الأساليب التفسيرية كالتعريف و مثاله: تعريف الناقد لمجموعة
من المفاهيم، كمفهوم البنية العقلية...، و أسلوب الوصف من خلال وصفه للفرضيات الخمس،
إضافة إلى أسلوب المقارنة عندما قارن بين عمليتي الفهم و
الشرح، فضلاع عن السرد الذي استعمله في بداية النص عند حديثه عن نشأة المنهج الاجتماعي. ووظيفة هذه الأساليب هي توضيح أفكار الكاتب و
مواقفه للقارئ...
و قد اعتمد الناقد على لغة
نقدية واضحة، كما اعتمد على وسائل
الاتساق التركيبي و الدلالي والمعجمي، بتوظيفه لأدوات الربط كالعطف، مثل: " من خلال التعرف على الأسباب التي تؤدي إلى حدوثه، و تجعل الشكل الذي يتخذه...". و اعتماده على الإحالة
بنوعيها كذلك، المقامية من خلال استحضار أسماء بعض
الأدباء و النقاد و الفلاسفة كـ"مدام دي ستايل، و إيبوليت تين، و لوسيان غولدمان، و جورج لوكاتش"...، و النصية بنوعيها: القبلية، باستعمال الضمائر، مثل: "أن الأبنية العقلية...، إنما هي ظواهر اجتماعية..."، واستخدام الأسماء
الموصولة، مثل: "جاء الناقد
الفرنسي "إيبوليت تين" الذي بذل مجهودا كبيرا...". و
كذا البعدية، بتوظيف أسماء الإشارة، مثل: "خارج إطار هذه العلاقة المحكمة..."،
علاوة عن توظيف الكاتب للتكرار كتكرار بعض الألفاظ والمفاهيم،
مثل: "المجتمع، و الخلق الأدبي، و البنية العقلية، و المقولات، و الفرضيات..."، واستعماله للروابط
المنطقية كالحصر، و الإضراب، و النفي، و
السببية، و الاستنتاج، و غيرها. الشيء الذي منح النص انسجاما و
اتساقا على مستوى الجمل، و الأفكار، و كذا الفقرات...
الخاتمة:
من خلال تحليلنا للمقالة السابقة نستنتج أن الناقد نبيل
راغب أراد أن يعرف
بماهية المنهج الاجتماعي، و مراحل تطوره، و الأسس التي قام عليها، حيث بدأ بإبرز مراحل
نشأته مع كل من مدام دي ستايل و إيبوليت تين، و
تطوره مع جورج لوكاتش، و لوسيان غولدمان بظهور البنيوية التكوينية، فضلا
عن تبيانه لفرضيات المنهج البنيوي التكويني الخمسة، كما أبرز في آخر النص كيفية قراءة هذا المنهج
للنصوص الأدبية بناء على عمليتي الفهم والتفسير...
و قد
نجح في ذلك باعتماده على أهم خصاص فن المقالة من تصميم منهجي محكم، وتوظيفه لمجموعة من الحجج و الأدلة، إضافة إلى استعماله لمجموعة من الأساليب
الحجاجية كالتأكيد و الإضراب و النفي...، و التفسيرية كالتعريف و الوصف و
المقارنة...، وكذا اعتماده على المنهج الاستنباطي، و مبدأ التدرج و نظام الفقرات، فضلا عن توظيفه للغة نقدية واضحة، و اعتماده على وسائل الاتساق التركيبي و الدلالي و المعجمي كالربط والإحالة، و التكرار، و توظيف أسماء
الإشارة، و الأسماء الموصولة، و الضمائر...
و كل هذه الاستنتاجات تؤكد لنا صحة الفرضية السابقة، بأن النص عبارة عن مقالة نقدية، عالجت قضية نقدية هي ماهية المنهج الاجتماعي و
المنهج البنيوي التكويني...
ـ المناقشة: المطلوب هو أن يلعب المترشح(ة) دور الناقد، فيناقش (تناقش) القولة أو
القضية، ويستحضر (تستحضر) مواقف نقدية معينة. و يدافع (تدافع) عن موقفه(ها) الشخصي
باعتماد حجج و أدلة و أمثلة، مع استعمال لغة نقدية واضحة، و توظيف علامات الترقيم،
و اعتماد مبدأ التدرج، و تجنب الأخطاء، و الكتابة بخط واضح...
ـ الرأي الشخصي: بالنسبة لموقفي الشخصي أرى أن ...(الالتزام بالموضوعية و الحس النقدي، والاعتماد على المكتسبات المعرفية و المنهجية واللغوية، وكذا تجنب الذاتية، والأخطاء المعرفية).