النص القرائي: "الفداء... حتى النصر"

الأسلوب في رواية "اللص والكلاب": الأسلوب و اللغة و السرد و القراءة التركيبية...

1ـ الأسلوب و اللغة:

يتميز أسلوب نجيب محفوظ في رواية "اللص والكلاب" بالسلاسة و البعد عن الإغراق في الغموض، و الاقتراب من لغة البساطة والوضوح، والدقة و القدرة الفائقة في الوصف، كما يقترب من لغة الحياة اليومية، من خلال اعتماد لغة حية لها علاقة بالشارع المصري (العامية المصرية)، جاء على لسان نور: "طول عمري و أنا أشرب" ص: 118، و ذلك لإضفاء طابع الواقعية على الأحداث. وبهذا يؤسس نجيب محفوظ لتجربة جديدة تمزج بين اللغة العربية الفصحى واللغة العامية، فاستطاع تطويع اللغة الفصيحة في البناء السردي في محاولة لصبر أغوار الإنسان المصري و أعماقه، وكشف همومه النفسية والاجتماعية. وقد تخللت الرواية بعض التعابير الإيحائية و الرمزية و البلاغية.

   كما تتميز اللغة كذلك باعتماد حقول معجمية دلالية كثيرة: كحقل الحرية، وحقل الموت، وحقل الدين، وحقل الجسد، وحقل السجن، وحقل الخيانة، وحقل الغضب...، وباعتماد لغة الوصف كوصف الشخصيات، و الأماكن...؛ واعتماد الحوار بنوعيه الخارجي والداخلي، واعتماد تقنية التداعي و تقنية الاسترجاع...

2ـ لغات الرواية/الشخصيات:

لقد تعددت روافد اللغة الموظفة في الرواية بتعدد الشخصيات، فهناك:

•         ـ لغة الرفض و السخط: لدى سعيد مهران، و تكشف مدى الانفصال الذي يعيشه البطل عن واقعه و مجتمعه، مما ولد لديه اغترابا عن مجتمع تدهورت فيه القيم و تكالب عليه الطغاة والخونة و الانتهازيون.

•         ـ لغة التبرير: و تتكلمها الشخصيات التي خانت سعيد و خلقت واقعا جديدا

 يلائم مصالحها كعليش و نبوية و رؤوف، بل إن رؤوف علوان نصح بها

 سعيد مهران بعد خروجه من السجن.

•         ـ لغة المرارة و الوحدة: تتكلمها نور في لحظات كثيرة داخل الرواية، خاصة حين لا تطلب من الدنيا سوى الشعور بالاطمئنان و السعادة بدل الضياع و الظلم الذي تعيشه، و يقاسمها إياها سعيد مهران أحيانا.

•         ـ لغة الزهد و الانطواء: هي التي يتحدثها علي الجنيدي، و هي لغة تستمد معجمها من القيم الدينية العليا، و تفارق الواقع الحقيقي لتبشر بواقع مثالي.

•         ـ لغة الوفاء: هي التي يتكلمها كل من طرزان و نور، و هي مخالفة للغة الغدر التي تُميز كلا من رؤوف علوان و عليش سدرة و نبوية. فقد ظل كل من طرزان و نور وَفِيَّيْن لسعيد في أحلك لحظات صراعه مع الخيانة و الغدر، بل و ساعداه في في مشروعه.

•         ـ لغة الخيانة: هي التي تُميز لغة كل من رؤوف علوان و عليش سدرة

و نبوية، إذ قاسمهم المشترك أنهم ساهموا في خيانة سعيد مهران، كُــلّ

بطريقته، و كل بنصيبه، فَوَحّدتهم الخيانة، وجَمَعُهم الغدر و الانتهازية.

•         ـ لغة الصحافة و الإعلام: يُمثلها رؤوف علوان، فهي لغة متنوعة تعكس لغة الأفراد واختلاف المواقف و التوجهات السياسية و المنطلقات الفكرية، كما تعكس لغة المصالح والانتهازية و الاستغلال...

3ـ أسلوب السرد:

أـ صوت السارد: تتميز لغة الرواية أيضا بتداخل خيوط السرد، الذي يتداخل فيه صوت الكاتب بصوت السارد والبطل، الشيء الذي يؤكد بأن الكاتب قد سرد الأحداث بالاعتماد على وضعيات سردية متعددة، من أجل الإحاطة بهموم الشخصية من كل جوانبها.

ب - أسلوب السرد: وظف نجيب محفوظ في روايته عدة أساليب سردية لنقل الأحداث والتعبير عن مواقف الشخصيات، نذكر منها:

السرد المباشر: وقد تم توظيفه بشكل كبير...