الاستعارة: تعريفها، وأركانها، وأنواعها، ووظائفها؛ مع التطبيق
1 ـ تعريفها:
الاستعارة لغة: الاقتراض، فنقول: «استعرت من صديقي نقودا». والاستعارة في البلاغة تقوم أيضا على الاقتراض: كيف ذلك؟
نعلم مثلا أن الأسد يتميز بصفات هي: الافتراس ـ الشجاعة ـ المخالب ـ الزئير...، أي أننا نقوم باستعارة صفة من صفات الأسد و هي الزئير، لأن الجندي لا يزأر، و بالتالي فهي جملة خيالية، تحتوي على الكذب، و غير مقبولة منطقيا؛ و لكنها مقبولة بلاغيا.
فالاستعارة مجاز لغوي، و المجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وضع
له. فهي صورة شعرية تقوم على علاقة المشابهة، لأنها تشبيه بليغ حذف منه المشبه أو المشبه به، كقولنا مثلا:
«الجندي يزأر في الحرب»
فهذه الجملة غير مقبولة
عقليا لأن الإنسان لا يزأر، فالزئير من صفات الأسد، أي أننا استعرنا صفة الزئير من الأسد و أسقطناها على الجندي لغرض بلاغي، لكننا لم نذكر الأسد فاكتفينا بالإشارة إليه بإحدى
خصائصه الزئير، و هي القرينة التي تمنع إرادة المعنى
الحقيقي.
2 ـ أركانها:
يقول أحمد شوقي في وصف قلبه المتعلق بوطنه مصر، و
هو في المنفى :
مستطار إذا البواخر رنت أول
الليل أو عوت بعد
جرس
استعار الشاعر صفة
"الاستطارة" من العصفور (الخائف)، و أسقطها على قلبه المفزوع بعد سماعه لصوت الباخرة، لعلاقة المشابهة و هي الخوف و الهلع. كما استعار خاصية العواء من الذئب، و أسقطها على الباخرة لصوتها القوي و علاقة المشابهة
هي القوة و الرعب. فالمستعار منه في الصورتين محذوف و قد رمز إليه الشاعر بإحدى خصائصه (استطار ـ عوت) ، و المستعار له هو القلب و الباخرة، و القرينة لفظية هي" مستطار ـ
عوت".
للاستعارة ثلاثة أركان أساسية هي:
- المستعار منه: هو الذي نستعير منه الخاصية، و يقابله في التشبيه المشبه به.
- المستعار له: هو الذي نُعيره الخاصية المستعارة، و يقابله في التشبيه المشبه.
- القرينة: وهي التي تمنع من إرادة المعنى الحقيقي، و تكون لفظية أو حالية.
- الجامع: هو وجه الشبه.
3 ـ أنواعها:
أ ـ الاستعارة المكنية:
إذا عدنا إلى المثال السابق سنلاحظ أن المستعار منه محذوف في الصورتين (العصفور ـ الذئب)، وكنّى عنهما الشاعر بإحدى خصائصهما (مستطارـ العواء)، فهي استعارة مكنية لأن الشاعر حذف المستعار منه و كنّى عنه (رمز إليه) بإحدى خصائصه. يقول الحجاج: «إني لأرى رؤوسا قد أينعت و حان قطافها».
فالحَجّاج هنا يشبه الرؤوس
بالثمرات، فَحَذف المستعار منه أي المشبّه به، و رمز إليه بإحدى خصائصه و هي أينعت.
فالأصل هو: إني أرى رؤوسا
كالثمرات قد أينعت...
ب ـ الاستعارة التصريحية:
يقول المتنبي: فلم أر قبلي من مشى البحر نحوه و لا رجلا قامت تعانقه الأُسْدُ
فالشاعر يشبه ممدوحه بالبحر لعلاقة مشابهة و هي
الجود و الكرم و القرينة هي "مشى"، كما شبّه الرجال بالأسد، و القرينة
هي "تعانقه"، ففي الصورتين تم حذف المستعار له، و استعير بدله لفظ
المشبه به المستعار منه ليقوم مقامه. و لما كان المستعار منه مُصَرّحا به سميت استعارة
تصريحية، و هذا أبعد مدى في البلاغة، و أدخل في المبالغة.
الاستعارة من حيث ذكر
المستعار منه أو حذفه نوعان:
أـ تصريحية: هي التي يصرح فيها بالمستعار منه و يحذف المستعار له.
ب ـ مكنية: هي التي يحذف فيها المستعار منه و يذكر المستعار له.