تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة تنتمي لتكسير البنية،"لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة
recent
مشاركات ساخنة

تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة تنتمي لتكسير البنية،"لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة

 تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة تنتمي لتكسير البنية،"لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة

تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة تنتمي لتكسير البنية،"لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة

تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة تنتمي لتكسير البنية،"لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة

تطبيق المنهجية في تحليل قصيدة تنتمي لتكسير البنية،"لنكن أصدقاء" للشاعرة نازك الملائكة

المقدمة:

    خطاب تكسير البنية حركة شعرية حديثة، ظهرت أواخر الأربعينيات من القرن العشرين مع كل من نازك الملائكة  بقصيدتها "الكوليرا"، و بدر شاكر السياب بقصيدته "هل كان حبا" سنة 1947. وقد جاءت من أجل استكمال ما قد بدأته حركة سؤال الذات، حيث قامت بتكسير البنية التقليدية القائمة على أساس البيت، و خلق نظام جديد يقوم على نظام السطر الشعري و التفعيلة؛ أما على مستوى المضمون فقد ركزت على وصف الواقع العربي، و ما يعيشه الإنسان العربي من غربة وضياع و معاناة. و من أهم العوامل التي ساهمت في ظهورها نذكر: النكبة الفلسطينية، و الاستعمار الغربي للدول العربية، إضافة إلى نشوء حركات وطنية تحررية، و كذا تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، و نتائج الحربين العالميتين، علاوة عن تأثر الشعراء ببعض الفلسفات الغربية  كالاشتراكية  و الوجودية، فضلا عن التأثر ببعض الشعراء و الروائيين الغربيين...

    و من أبرز رواد هذه الحركة نذكر: بدر شاكر السياب، و عبد الوهاب البياتي، و أدونيس، و أحمد المعداوي، و عبد الله راجع...، إضافة إلى صاحبة النص الشاعرة العراقية نازك الملائكة، من مواليد سنة 1923، ساهمت في تأسيس حركة تكسير البنية نقدا و إبداعا، و تعتبر من أبرز روادها. و قد توفيت سنة 2007. و النص قيد التحليل عبارة عن قصيدة شعرية  تعتمد على نظام المقاطع، و الأسطر الشعرية المتفاوتة الطول، و نظام التفعيلة، مأخوذة من ديوان "شظايا و رماد".

        ـ ترى ما مضمون هذه  القصيدة ؟ و كيف عبرت الشاعرة عن تجربتها الشعرية؟ 

       ـ و ما الوسائل اللغوية و الفنية التي وظفتها الشاعرة في سبيل ذلك؟ و ما وظيفتها في النص؟ 

       ـ  و إلى أي حد استطاع هذا النص أن يمثل خصائص الخطاب الذي ينتمي إليه؟ 

        من خلال الملاحظة البصرية و قراءتنا للعنوان (لنكن أصدقاء)، ، و بداية النص و نهايته، وكذا بعض المؤشرات الدالة (أصدقاء ـ الكئيب ـ الدمار ـ أشقياء... نفترض أن النص سيكون عبارة عن قصيدة شعرية تعتمد بنية جديدة قائمة على نظام المقاطع، و الأسطر الشعرية المتفاوتة الطول، و نظام التفعيلة، مع التنويع في القافية و الروي؛ مضمونها دعوة الشاعرة البشرية إلى الصداقة، مع وصفها للواقع المأساوي الذي يعيشه الإنسان بسبب الحروب و الظلم...

العرض:

        تعبر الشاعر في هذه القصيدة عن معاناة الإنسان و ضياعه، حيث  تستهلها بالدعوة إلى الصداقة، مع وصفها للواقع المأساوي الذي يعيشه الإنسان بسبب الحروب و الظلم و المعاناة، مبرزة ضعف الإنسان في مواجهة سطوة الزمن، لتنتقل بعد ذلك إلى تبيان عواقب المتسببين في مأساة الإنسان ومعاناته، خاتمة قصيدتها بإعلان رحيلها بحثا عن بشر حقيقيين يعرفون معنى الصداقة و التسامح، وهم بشر قاسمهم المشترك هو المعاناة و الألم...

     و قد جاءت هذه القصيدة مبنية على أربعة مقاطع هي: المقطع الأول و فيه تدعو الشاعرة إلى الصداقة، مع وصفها للواقع المأساوي؛ أما المقطع الثاني: فتصف فيه الشاعرة  ضعف الإنسان في مواجهة سطوة الدهر، و لا مبالاة القضاء؛ بينما  المقطع الثالث فتبرز فيه الشاعرة عواقب المتسببين في مأساة الإنسان. في حين أن المقطع الأخير فترحل فيه الشاعرة بحثا عن أناس حقيقيين يقدرون معنى الصداقة و يشاركون الشاعرة مأساتها و ألمها.

    و بناء على القراءة الأفقية للنص يمكن تقسيم معجم  القصيدة إلى حقلين دلاليين هما: حقل دال على المعاناة و الضياع، و من الألفاظ و العبارات الدالة عليه نذكر: الرهيب ـ الدمار ـ الفناء ـ الضحايا ـ الكئيب ـ الأسى...، و حقل  دال على الأمل و الصداقة، و من الألفاظ و العبارات الدالة عليه نجد: الرجاء ـ الأصدقاء ـ الرخاء ـ الحياة ـ المدن الآمنة...، و العلاقة بين الحقلين هي علاقة تضاد وتنافر، مع هيمنة الحقل الدال على المعاناة، لأن الشاعرة تصف الواقع العربي الكائن و القائم؛ والحقلان معا يعكسان الحالة النفسية للشاعرة، و ما تعيشه من معاناة و مأساة بسبب الظلم والحروب...

    و قد وظفت الشاعرة معجما سهلا تقترب لغته من لغة  الحديث اليومي، و مثال ذلك: يمشي ـ دروب ـ أصدقاء...، الشيء الذي يبرز رغبة الشاعرة  في تجديد  وسائلها التعبيرية.

      أما على مستوى الشكل فقد اعتمدت  القصيدة على بنية جديدة تقوم على نظام المقاطع والأسطر الشعرية المتفاوتة الطول، و نظام التفعيلة، حيث  اعتمدت الشاعرة على تفعيلة بحر المتدارك وهي (فاعلن)، مع التنويع فيها باعتمادها على الزحافات و العلل بكثرة، كما يظهر من خلال التقطيع التالي:

لنكن أصدقاءْ

ااا0  ا0اا00

فعلنْ فاعلانْ

   و قد عبرت الشاعرة عن تغيرات أحاسيسها بالتنويع في القافية و الروي، حيث زاوجت بين القافيتين، المقيدة، مثل: (الكئيبْ)، و المطلقة، مثل: (مأوَى) مع هيمنة الأولى انسجاما مع التجربة المأساوية للشاعرة، كما استعملت القافية المركبة و مثالها :الأسطر الشعرية (3ـ 4 و 5ـ 6 ـ 7ـ 8)، و القافية المتتابعة و مثالها السطران الشعريان (40 ـ 41)...، فضلا عن تنويعها في الروي حيث نجد: الهمزة و الباء و النون و القاف و الراء و الدال...، الشيء الذي يبرز تقلب أحاسيس الشاعرة في واقع مأساوي منحط، و حرصها على احترام خصائص الدفقة الشعوريةو قد ساهم هذا التنويع في الإيقاع في خلق نغمة موسيقية تناسب حالة الشاعرة، و ما تعيشه من معاناة، و غربة، و ألم في واقع مُدَمّر...

    كما نلاحظ أن الشاعرة نازك الملائكة قد استطاعت خلق نغمة إيقاعية داخلية تناسب مضمون  القصيدة، من خلال تكرار بعض الصوامت مثل: التاء ـ الحاء ـ السين ـ الصاد ـ الميم ـ اللام...، إضافة إلى تكرارها لبعض الصوائت مثل: الفتحة و الكسرة و الياء... مما سمح للشاعرة للتعبير عن انكسارها و غربتها في الواقع...، علاوة عن تكرارها لبعض الكلمات مثل: الأصدقاء ـ البحار ـ نحن ـ ستذوب ـ الحياة ـ الجياع ...، و هي كلمات تلخص لنا مضمون القصيدة و تجربة الشاعرة المأساوية، فضلا عن تكرارها للازمة الشعرية في الأسطر الشعرية: "1 ـ 7 ـ 13 ـ 30 ـ 53".

  علاوة عن اعتمادها على خاصية التوازي الإيقاعية التي تغني التناغم الإيقاعي في القصيدة، و مثالها الأسطر الشعرية "من 31 إلى 39"، و هو توازي عمودي، مزدوج، و نسبي، جاء على المستويين النحوي و الدلالي...

و قد ساهم الإيقاع بنوعيه، الخارجي و الداخلي، في خلق جمالية تعبيرية تناغمت مع انفعالات الشاعرة و تجربتها الشعرية، و عبرت عن دفقاتها الشعورية، و ما عاشته من ضياع في واقع لا يرحم...

و من أجل  تصوير الشاعرة لتجربتها الشعرية فقد عمدت إلى توظيف صورشعرية  نابعة من الواقع.




 

author-img
موقع عالم اللغة العربية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent